فصل: الحديث السَّابِع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث السَّابِع:

«أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَمَّا حَلَق شعره، نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَة، ليُفَرِّقَه عَلَى أَصْحَابه».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا، من رِوَايَة أنس رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا رَمَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَمْرَة، وَنحر نُسكه، وَحلق، ناول الحالق شقَّه الْأَيْمن، فحلقه، فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَة، ثمَّ نَاوَلَهُ شقَّه الْأَيْسَر، فحلقه، فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَة، فَقَالَ: إقسمه بَين النَّاس».
وَأَبُو طَلْحَة هَذَا: اسْمه زيد بن سهل بن الْأسود الْأنْصَارِيّ، عَمّ أنس بن مَالك، زوج أمه، وَكَانَ عقبيًا بَدْرِيًّا، شهد الْمشَاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة، وَأحد الصَّحَابَة الَّذين سردوا الصَّوْم بعد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي الْحَافِظ: عَاشَ أَبُو طَلْحَة بعد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَرْبَعِينَ سنة فسرد الصَّوْم. وَخَالفهُ غَيره، فَقَالَ: توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ من الْهِجْرَة. وَقيل: اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ.

.الحديث الثَّامِن:

عَن حُذَيْفَة رَضِي اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: «لَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب، وَالْفِضَّة، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافها».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، متَّفق عَلَى صِحَّته، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَادا: «فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي الْآخِرَة».
وَله أَلْفَاظ أُخَر، قَالَ ابْن مَنْدَه الْحَافِظ: وَإِسْنَاده مجمع عَلَى صِحَّته.
والصِّحَاف: جمع صَحْفَة، كقصعة، وقصاع، والصحفة دون الْقَصعَة. قَالَ الْكسَائي: الْقَصعَة: مَا تسع مَا يشْبع عشرَة، والصحفة مَا يشْبع خَمْسَة.

.الحديث التَّاسِع:

أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الَّذِي يشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، إنَّما يُجَرْجِرُ فِي جَوْفه نَار جَهَنَّم».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، مرويّ من طرق:
أَحدهَا: عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الَّذِي يشرب فِي آنِية الْفضة، إنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم».
رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ، وَالْبُخَارِيّ، وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا. قَالَ ابْن مَنْدَه الْحَافِظ: وَإِسْنَاده مجمع عَلَى صِحَّته.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «إنَّ الَّذِي يأكلُ، أَو يشربُ فِي آنِية الْفضة، وَالذَّهَب». وَفِي رِوَايَة لَهُ: «من شرب فِي إِنَاء من ذهب أَو فضَّة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم».
وَفِي رِوَايَة للطبراني: «إلاَّ أَن يَتُوب».
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن أبي وَائِل، قَالَ: «غزوتُ مَعَ عمر الشَّام، فَنزل منزلا، فجَاء دُِهْقَانٌ يسْتَدلّ عَلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ حتَّى أَتَاهُ، فَلَمَّا رَأَى الدهْقَان عمر سَجَد، فَقَالَ عمر: مَا هَذَا السُّجُود؟ فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعل بالملوك. فَقَالَ عمر: اسجد لِرَبِّك الَّذِي خلقك. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنِّي قد صنعت لَك طَعَاما فأتني. قَالَ: فَقَالَ عمر: هَل فِي بَيْتك من تصاوير الْعَجم؟ قَالَ: نعم. قَالَ: لَا حَاجَة لي فِي بَيْتك، وَلَكِن انْطلق، فَابْعَثْ لنا بلون من الطَّعَام، وَلَا تزدنا عَلَيْهِ. قَالَ: فَانْطَلق، فَبعث إِلَيْهِ بِطَعَام، فَأكل مِنْهُ، ثمَّ قَالَ عمر لغلامه: هَل فِي إداوتك شَيْء من ذَلِك النَّبِيذ؟ قَالَ: نعم. فَأَتَاهُ فَصَبَّهُ فِي إِنَاء، ثمَّ شَمَّه، فَوَجَدَهُ مُنكر الرّيح، فصب عَلَيْهِ مَاء، ثمَّ شمه، فَوَجَدَهُ مُنكر الرّيح، فصب عَلَيْهِ المَاء ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ شربه، ثمَّ قَالَ: إِذا رَابَكُم من شرابكم شَيْء فافعلوا بِهِ هَكَذَا. ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تلبسوا الديباج وَالْحَرِير، وَلَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي الْآخِرَة».
رَوَاهُ الْحَاكِم، أَبُو عبد الله فِي الْمُسْتَدْرك فِي تَرْجَمَة عمر بن الْخطاب، عَن أبي بكر، عَن ابْن الْمثنى، عَن مُسَدّد، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن أبي وَائِل، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد، وَلم يخرجَاهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله- وَذكر الِاخْتِلَاف فِيهِ، حَيْثُ رُوِيَ عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن أبي وَائِل، وَعَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن أبي وَائِل، وَعَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن رجل من قومه، عَن عمر، قَالَ: وَمُسلم ضَعِيف-: هَذَا الحَدِيث يرويهِ الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا، وَهُوَ أولَى بِالصَّوَابِ.
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ بِنَحْوِ من لفظ الرَّافِعِيّ، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، لَكِن من طَرِيق حُذَيْفَة، فَقَالَ: بَاب الْأكل فِي إِنَاء مفضض. نَا أَبُو نعيم، حَدَّثَنَا سيف بن أبي سُلَيْمَان، سَمِعت مُجَاهدًا يَقُول: حَدَّثَنَي عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى: «أَنهم كَانُوا عِنْد حُذَيْفَة، فَاسْتَسْقَى، فَسَقَاهُ مَجُوسِيّ، فلمَّا وضع الْقدح فِي يَده، رَمَاه بِهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي نهيته غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ- كَأَنَّهُ يَقُول: لم أفعل هَذَا- وَلَكِنِّي سَمِعت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تلبسوا الْحَرِير، ولَا الديباج، وَلَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صحافها، فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي الْآخِرَة».
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن نَافِع، عَن امْرَأَة ابْن عمر، عَن عَائِشَة رَضِي اللهُ عَنْهُا عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: «الَّذِي يشرب فِي إِنَاء الْفضة- أَو إِنَاء من فضَّة- إِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَارا».
رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي «التَّمْهِيد»، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ خصيف، وَهِشَام بن الغازِ- وَهُوَ بالغين وَالزَّاي المعجمتين- عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: «من شرب فِي آنِية الْفضة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم».
قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي خطأ لَا شكّ فِيهِ، لم يَرْوِ ابْن عمر هَذَا الحَدِيث قطّ، وَلَا رَوَاهُ نَافِع عَن ابْن عمر، وَلَو رَوَاهُ عَن ابْن عمر، مَا احْتَاجَ أَن يُحَدِّث بِهِ عَن ثَلَاثَة، وَأما إِسْنَاد شُعْبَة فِي هَذَا الحَدِيث، فَيحْتَمل أَن يكون إِسْنَادًا آخر، وَيحْتَمل أَن يكون خطأ، وَهُوَ الْأَغْلَب. هَذَا آخر كَلَامه.
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر من طَرِيق آخر، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أَصْغَر معاجمه، من حَدِيث: برد بن سِنَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، مَرْفُوعا: «من شرب فِي إِنَاء من ذهب، أَو إِنَاء من فضَّة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم».
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوِه عَن برد إلاَّ ابْنه الْعَلَاء.
وَطَرِيق آخر سَيَأْتِي فِي آخر هَذَا الْبَاب بِزِيَادَة فِيهِ.
لَكِن وَافق الْحَافِظ أَبَا عمر بن عبد الْبر عَلَى كَون رِوَايَة ابْن عمر خطأ: أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: قَالَ أَبُو زرْعَة: حَدِيث ابْن عمر هَذَا خطأ، إنَّما هُوَ عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مِنْهَا: سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَنهُ، فَقَالَا مثل ذَلِك، قَالَا: وَالوهم فِيهِ من حَمَّاد.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ شُعْبَة عَن امْرَأَة ابْن عمر، وَقَالَ الثَّوْريّ: عَن صَفِيَّة- وَهِي امْرَأَة ابْن عمر-
مَرْفُوعا، وخالفهما مسعر، فَرَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ، من حَدِيث نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا، وَوهم فِي قَوْله: ابْن عمر. وَإِنَّمَا هُوَ عَن امْرَأَة ابْن عمر.
قَالَ: وَرُوِيَ مَوْقُوفا عَلَى عَائِشَة أَيْضا، من حَدِيث نَافِع عَنْهَا.
قَالَ: وَرُوِيَ عَن نَافِع، عَن صَفِيَّة، عَن عَائِشَة، وَرُوِيَ عَن سَالم، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَالصَّحِيح مَا قَالَ شُعْبَة، وَالثَّوْري.
قَالَ: وَرُوِيَ عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، عَن عَائِشَة- أَو أم سَلمَة، أَو أم حَبِيبَة- وَهُوَ وهم. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَوهم فِيهِ. وَالصَّحِيح عَن عبيد الله بن عمر عَن زيد بن عبد الله بن عمر، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، عَن أم سَلمَة. وَقَالَ جرير بن حَازِم: عَن نَافِع قَالَ: قَالَت أم سَلمَة. وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد: عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة، وَوهم فِي ذكر أبي هُرَيْرَة.
هَذَا ملخص مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله، وَفِيه رد عَلَى قَول أبي عمر بن عبد الْبر: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون إِسْنَاد شُعْبَة خطأ، وَأَنه الْأَغْلَب. فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِنَّه الصَّحِيح.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَن رَسُول الله، قَالَ: «إِن الَّذِي يشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، إِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم».
رَوَاهُ الحافظان: الطَّبَرَانِيّ فِي أَصْغَر معاجمه، والخطيب الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابيه: من وَافَقت كنيته اسْم أَبِيه، وتَلْخِيص الْمُتَشَابه.
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوه عَن النَّضر بن عَرَبِيّ، إلاَّ سَلِيم بن مُسلم الخَشَّاب، تَفَرَّد بِهِ مُحَمَّد بن بَحر الهُجَيْمِي الْبَصْرِيّ.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن أبي بردة، قَالَ: انْطَلَقت أَنا وَأبي إِلَى عَلّي بن أبي طَالب- كَرَّم الله وَجهه- فَقَالَ لنا: «إنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَى عَن آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة أَن يُشْرَبَ فِيهَا، أَو أَن يُؤْكَل فِيهَا، وَنَهَى عَن القسي والمِيثرة، وَعَن ثِيَاب الْحَرِير، وَخَاتم الذَّهَب».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَاد جيد.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْأكل وَالشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة».
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، من جِهَة قطن بن نُسَيْر- بِضَم النُّون، ثمَّ سين مُهْملَة مَفْتُوحَة-، عَن حَفْص بن عبد الله، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن الْحجَّاج بن الْحجَّاج عَن أنس بِهِ.
وَلِهَذَا الحَدِيث طَريقَة صَحِيحَة بالِاتِّفَاقِ، كَانَت جديرة بالتقدم، وَهِي: مَا رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَمَرَنا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسبع، ونهانا عَن سبع: أمرنَا بعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجِنَازَة، وتشميت الْعَاطِس، وَإجَابَة الدَّاعِي، وإفشاء السَّلَام، ونصرة الْمَظْلُوم، وإبرار الْقسم. ونهانا: عَن خَوَاتِيم الذَّهَب، وَعَن الشّرْب فِي الْفضة- أَو قَالَ: آنِية الْفضة- وَعَن المياثر، والقسي، وَعَن لبس الْحَرِير والديباج، والإِستبرق».
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «وإنشاد الضَّالة» بدل: «وإبرار الْقسم».
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «وَعَن الشّرْب فِي الْفضة، فإنَّه من شرب فِيهَا فِي الدُّنْيَا لم يشرب فِيهَا فِي الْآخِرَة».
وَفِي رِوَايَة لَهما: «رد السَّلَام» بدل: «وإفشاء السَّلَام».
وَحين فَرغْنَا من إِيرَاد طرق هَذَا الحَدِيث، فلنذكر مَا يتَعَلَّق بهَا: من الْغَرِيب، وتوضيح الْمُشكل، فَنَقُول:
«الْآنِية»: جمع إِنَاء، والعامة يرَوْنَ أَنَّهَا وَاحِدَة، وَهُوَ خطأ، كَمَا يُقَال: إِزَار وآزرة، وحمار وأحمرة ويوضحه قَوْله- عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ- فِي صفة الْحَوْض: «آنيته مثل نُجُوم السَّمَاء». قَالَ ذَلِك عبد الْحق.
وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ: «يجر فِي جَوْفه نَار جَهَنَّم».
فِي «نَار» رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: نصب الرَّاء، حَكَاهُ الْخطابِيّ عَن بعض أهل الْعلم باللغة. قَالَ ابْن بري: وهَذَا هُوَ الْمَشْهُور. كَذَا قَالَه النَّوَوِيّ وَزَاد: وَأَن بِهِ جزم الْمُحَقِّقُونَ، وَاخْتَارَهُ الزجَّاج، والخطابي، وَالْأَكْثَرُونَ، وَلم يذكر الْأَزْهَرِي، وَآخَرُونَ غَيره، وَهُوَ الصَّحِيح.
الرِّوَايَة الثَّانِيَة: رَفعهَا. قَالَ ابْن السَّيِّد فِي الاقتضاب: من رفع الرَّاء فعلَى خبر إِن، وَيجْعَل مَا بِمَعْنى الَّذِي، كَأَنَّهُ قَالَ: الَّذِي يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم وَمن نصب النَّار، جعل مَا صلَة لإِن وَهِي الَّتِي تكف إِن عَن الْعَمَل، وَنصب النَّار ب يجرجر، وَنَظِيره قَوْله- تَعَالَى-: {إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر}، فقرئ بِرَفْع الكيد ونصبه علىالوجهين. وَيجب إِذا جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي أَن تُكتب مُنْفَصِلَة من إِن. وَكَذَا قَالَه ابْن بري أَيْضا.
وَقَالَ غَيرهمَا: من نصب، جعل الجرجرة بِمَعْنى الصبِّ، أَي: إِنَّمَا يصب فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم، وَمن رَفعهَا، جعلهَا بِمَعْنى الصَّوْت، أَي: إِنَّمَا يُصَوِّت فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم. والجرجرة: الصَّوْت المتردد فِي الْحلق.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: وَقد يَصح النصب عَلَى هَذَا أَيْضا، إِذا تَعَدَّى الْفِعْل، قَالَ: وَمِمَّا يرجح النصب، رِوَايَة مُسلم: «نَارا من جَهَنَّم». وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب. قَالَ: ورويناه فِي مُسْند أبي عوَانَة والجعديات من رِوَايَة عَائِشَة رَضِي اللهُ عَنْهُا، عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: «الَّذِي يشرب فِي الْفضة إنَّما يجرجر فِي جَوْفه نَارا»، هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول: نَارا بِالْألف، من غير ذكر جَهَنَّم. قَالَ: وَأما مَعْنَاهُ: فعلَى رِوَايَة النصب، الْفَاعِل هُوَ الشَّارِب مُضْمر فِي يجرجر: أَي يلقيها فِي بَطْنه بجرع متتابع يُسمع لَهُ صَوت، لتردده فِي حلقه، وَعَلَى رِوَايَة الرّفْع: تكون النَّار فاعلة، مَعْنَاهُ: أَن النَّار تُصَوِّت فِي جَوْفه، وسُمِّي المشروب نَارا: لِأَنَّهُ يؤول إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا}.
وَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدَّين ابْن الفركاح فِي الإقليد: يرْوَى: يجرجر مبنيًّا للْفَاعِل، ومبنيًّا للْمَفْعُول، وَعَلَى الأول: يُروى النَّار بِالنّصب، علىأن الْفَاعِل: الشَّارِب، وبالرفع عَلَى أَنَّهَا الْفَاعِل.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: اتّفق الْعلمَاء، من أهل الحَدِيث، واللغة، والْغَرِيب، وَغَيرهم عَلَى كسر الْجِيم الثَّانِيَة من يجرجر، وَاخْتلفُوا فِي الرَّاء من قَوْله: «نَار جَهَنَّم» فَذكر مَا تقدم.
وجهنم- عافنا الله مِنْهَا، وَمن كل بلَاء- قَالَ الواحدي: قَالَ يُونُس، وَأكْثر النَّحْوِيين: هِيَ عجمية لَا تَنْصَرِف للعجمة والتعريف، وَقَالَ آخَرُونَ: عَرَبِيَّة لَا تَنْصَرِف للتأنيث والتعريف. وسُمِّيَت بذلك لبعد قعرها، يُقَال: بِئْر جهنام، إِذا كَانَت عميقة القعر. وَقَالَ بعض اللغويين: مُشْتَقَّة من الجهومة، وَهِي: الغلظ، سميت بذلك لغلظ أمرهَا فِي الْعَذَاب.
و«المِيثرة»: بِكَسْر الْمِيم، أَصْلهَا: موثرة، من الشَّيْء الوثير: أَي اللِّين، وَلَكِن لَمَّا كَانَ قبل الْوَاو الساكنة كسرة، قُلبت يَاء. قَالَ ابْن سَيّده: هِيَ كهنة المرفقة تتَّخذ للسرج كالصفة وَهِي المياثر والمواثر عَلَى المعاقبة.
و«القَسِّي»: بِفَتْح الْقَاف، وكسر السِّين الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة.
وَذكر أَبُو عبيد: أَن أَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: القِسي بِكَسْر الْقَاف. وعَدَّه جمَاعَة من تصحيفاتهم.
وَهِي ثِيَاب يُؤْتَى بهَا من بلدنا مصر، فِيهَا حَرِير.

.الحديث العَاشِر:

«أَن حَلقَة قَصْعَة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَت من فضَّة».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بِنَحْوِهِ، من حَدِيث عَاصِم الْأَحول، قَالَ: «رَأَيْت قدح رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْد أنس بن مَالك، وَكَانَ قد انصدعَ، فَسَلْسَلَه بِفِضَّة».
قَالَ: وَهُوَ قدح جيد عريض، من نُضَار. قَالَ: قَالَ أنس: «لقد سقيت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْقدح أَكثر من كَذَا وَكَذَا». قَالَ: وَقَالَ: ابْن سِيرِين: «إنَّه كَانَ فِيهِ حَلقَة من حَدِيد، فَأَرَادَ أنس أَن يَجْعَل مَكَانهَا حَلقَة من ذهب أَو فضَّة، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَة: لَا تُغَيِّرن شَيْئا صَنَعَه رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَركه».
وَفِي رِوَايَة لأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ، عَن أنس: «أَن قدح النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، انصدع، فَجعل مَكَان الشَّعْبِ سلسلة من فضَّة». قَالَ عَاصِم: «وَرَأَيْت الْقدح، وشربت فِيهِ».
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه، وَقَالَ: رَوَاهُ البُخَارِيّ كَمَا تقدم، وَهُوَ يُوهِم أَن يكون النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، اتخذ مَكَان الشَّعْبِ سلسلة من فضَّة، وَقد أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ... فَذكر بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن سِيرِين، عَن أنس: «أَن قدح النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، انصدع، فَجعل مَكَان الشَّعْبِ سلسلة»، يَعْنِي أنَّ أنسا جعل مَكَان الشّعب سلسلة.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فَلَا أَدْرِي من قَالَه- يَعْنِي أَن أنسا جعل مَكَان الشّعب سلسلة- مُوسَى بن هَارُون، أَو من فَوْقه؟. يَعْنِي الْمَذْكُورين فِي إِسْنَاده.
قُلْتُ: سَاق الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ فِي كتاب الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل مَا ظَاهره: أَن ذَلِك من قَول مُوسَى بن هَارُون.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح: قَوْله: «فَاتخذ». يُوهم أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمُتَّخذ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الْمُتَّخذ هُوَ أنس، فَفِي رِوَايَة أنس: «فجعلتُ مَكَان الشَّعْبِ سلسلة». هَذَا كَلَامه.
وَفِي علل الدَّارَقُطْنِيّ: أَنه سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: يرويهِ عَاصِم الْأَحول. واختُلف عَنهُ، فَرَوَاهُ أَبُو حَمْزَة السكرِي، عَن عَاصِم، عَن ابْن سِيرِين، عَن أنس. وَخَالفهُ شريك، فَرَوَاهُ عَن عَاصِم عَن أنس، وَالصَّحِيح قَول أبي حَمْزَة.
والشَّعْب: بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، وَإِسْكَان الْعين الْمُهْملَة، وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة. وَالْمرَاد بِهِ: الشق والصدع.
وَوَقع فِي الْمُهَذّب للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ: فَاتخذ مَكَان الشِّفة، وَهُوَ تَصْحِيف، وَالصَّوَاب مَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، وَغَيره كَمَا تقدم.
وَوَقع فِيهِ أَيْضا: «أَن الْقدح انْكَسَرَ»، وَيحمل عَلَى أَنه انْشَقَّ، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة «انصدع». وَالْمرَاد: أَنه شَدَّ الشق بخيط فضَّة، فَصَارَت صورته صُورَة سلسلة، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ السالفة: «فَسَلْسَلَه بِفِضَّة». قَالَ ذَلِك النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب.
قُلْتُ: قد يُعَارض هَذَا التَّفْسِير مَا جَاءَ فِي رِوَايَة الإِمام أَحْمد، قَالَ: «رَأَيْت عِنْد أنس قدح رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِيهِ ضَبّة من فضَّة». فَإِن الْمَعْرُوف: أَن الضبة هِيَ الَّتِي تَأْخُذ قدرا من الإِناء.
وَقد لَا يُعَارضهُ، بِأَن يلْتَزم تَسْمِيَة ذَلِك ضبة.

.الحديث الحَادِي عشر:

«أَن قَبِيْعَةَ سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَت من فضَّة».
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق:
أَحدهَا: من رِوَايَة أنس. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد، وَالنَّسَائِيّ فِي الزِّينَة، من حَدِيث قَتَادَة عَنهُ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هُوَ حَدِيث حسن غَرِيب، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَقد رَوَى بَعضهم عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، قَالَ: «كَانَت قبيعة سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضَّة».
قُلْتُ: هَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، فِي إِحْدَى روايتيهما، ونصَّ الحفَّاظ عَلَى أَن الصَّوَاب هَذِه الرِّوَايَة- أَعنِي رِوَايَة الإِرسال- فَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر، وَالصَّوَاب: قَتَادَة عَن سعيد مُرْسلا. وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: إنَّ إرْسَاله هُوَ الصَّوَاب. وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّ أَقْوَى الْأَحَادِيث، حَدِيث سعيد بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ، والباقية ضِعَاف. وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: الْمَحْفُوظ أَنه مُرْسل. وَكَذَا قَالَ الْبَزَّار: إِنَّمَا يُرو عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب. وَكَذَا قَالَ الدَّارمِيّ لمَّا أخرجه فِي مُسْنده مُسْندًا: هِشَام الدستوَائي خَالفه- يَعْنِي جَرِيرًا- قَالَ: قَتَادَة عَن سعيد بن أبي الْحسن، عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَزعم النَّاس أَنه الْمَحْفُوظ. وَكَذَا قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ: إِن الْمُرْسل هُوَ الصَّوَاب.
وَفِي «علل أَحْمد» قَالَ عبد الله: حَدَّثَنَي أبي، عَن عَفَّان، قَالَ: جَاءَ أَبُو جزي- واسْمه: نصر بن طريف- إِلَى جرير بن حَازِم، يشفع لإِنسان فِي حَدِيث، فَقَالَ جرير: نَا قَتَادَة، عَن أنس، قَالَ: «كَانَت قبيعة سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضَّة». قَالَ أَبُو جزي: كذب وَالله، مَا حَدَّثَنَاه قَتَادَة إلاَّ عَن سعيد بن أبي الْحسن. قَالَ أبي: وَهُوَ قَول أبي جزي.
يَعْنِي: أصَاب وَأَخْطَأ جرير.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: تفرد بِهِ جرير، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَرَوَاهُ قَتَادَة عَن سعيد بن أبي الْحسن مُرْسلا. ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الْمَحْفُوظ.
قُلْتُ: رِوَايَة جرير، أخرجهَا التِّرْمِذِيّ، وحَسَّن الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: وَهَكَذَا رَوَى همام عَن قَتَادَة عَن أنس. وَأخرجه النَّسَائِيّ من رِوَايَة: همام وَجَرِير عَن قَتَادَة. فَظهر بِهَذَا أَن جَرِيرًا لم يتفرد بِهِ، وَلَفظه فِي هَذِه الرِّوَايَة، عَن أنس، قَالَ: «كَانَت نعل سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضَّة، وقبيعة سَيْفه فضَّة، وَمَا بَين ذَلِك حلق الْفضة».
الطَّرِيق الثَّانِي: رِوَايَة مزيدة بن جَابر الْعَبْدي العصري. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد، من حَدِيث: طَالب بن حُجَيْر، نَا هود بن عبد الله بن سعد، عَن جده مزيدة رَضِي اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «دخل النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم الْفَتْح، وَعَلَى سَيْفه ذهب وَفِضة. قَالَ طَالب: فَسَأَلته عَن الْفضة، فَقَالَ: كَانَت قبيعة سَيْفه فضَّة».
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. وَقَالَ ابْن القَطَّان: هُوَ عِنْدِي ضَعِيف لَا حسن؛ لِأَن طَالبا وهودًا مَجْهُولا الْحَال، وَسُئِلَ الرازيان عَن طَالب فَقَالَا: شيخ. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: صَدَقَ أَبُو الْحسن.
قُلْتُ: لَا، طَالب رَوَى عَنهُ جمَاعَة، وَذكره ابْن حبَان فِي ثقاته وَفِي التذهيب: هود بن عبد الله بن سعد، الْعَبْدي، عَن جده لأمه: مزيدة، ومعبد بن وهب، وَلَهُمَا صُحْبَة، وَعنهُ: طَالب بن حُجَيْر.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: تفرَّد بِهِ طَالب، وَهُوَ صَالح الْأَمر- إِن شَاءَ الله- وَهَذَا مُنكر، فَمَا علمنَا فِي حلية سَيْفه عَلَيْهِ السَّلَام ذَهَبا.
الطَّرِيق الثَّالِث: من رِوَايَة أبي أُمَامَة. أخرجه النَّسَائِيّ: فِي أَوَاخِر الزِّينَة واللباس، عَن عمرَان بن يزِيد، ثَنَا عِيسَى ين يُونُس، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن أبي أُمَامَة بن سهل قَالَ: كَانَت قبيعة سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، من فضَّة.
وَهَذَا إِسْنَاد لَا ريب فِي صِحَّته، عمرَان: قَالَ النَّسَائِيّ فِي حَقه: لَا بَأْس بِهِ وَعِيسَى: هُوَ السبيعِي، أخرج لَهُ السِّتَّة، ووثَّقه أَبُو حَاتِم، وَجمع.
وَعُثْمَان: أخرج لَهُ مُسلم، وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا، وَقَالَ أَحْمد، وابْن معِين: ثِقَة، وَقَالَ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر: هُوَ أوثق أهل الْمَدِينَة وأعبدهم.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن هِشَام بن عَمَّار، نَا مُحَمَّد بن حمير، حَدَّثَنَي أَبُو الحكم الصيقل، قَالَ: حَدَّثَنَي مَرْزُوق الصيقل: «أَنه صقل سيف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَا الفقار، وَكَانَت لَهُ قبيعة من فضَّة...» الحَدِيث بِطُولِهِ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه كَذَلِك، وَلَا أعلم بِهَذَا السَّنَد بَأْسا.
القَبِيعة: بِفَتْح الْقَاف، وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة، هِيَ الَّتِي تكون عَلَى رَأس قَائِم السَّيْف، وطرف مقبضه، من فضَّة، أَو حَدِيد.
قَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين: وَقيل: مَا تَحت شاربَيْ السَّيْف، مِمَّا يكون فَوق الغمد. وَقيل: هِيَ التومة الَّتِي تكون فَوق المقبض. قَالَ: وَجَاز ذَلِك فِي السَّيْف لِأَنَّهُ من زِينَة الرجل وآلته، فيقاس عَلَيْهِ المنطقة، وَنَحْوهَا من أَدَاة الْفَارِس، دون أَدَاة الْفرس.